الجمعة، 10 مايو 2013

فمبلغ العلم فيه انه بشر وانه خير خلق الله كلهم للبوصيرى

 ظلمت سنة من أحيا الظلام إلى *** أن اشتكت قدماه الضر من ورم
وشد من سغب أحشاءه وطوى *** تحت الحجارة كشحا مترف الأدم
وراودته الجبال الشم من ذهب *** عن نفسه فأراها أيما شمم
وأكدت زهده فيها ضرورته *** إن الضرورة لا تعدوا عن العصم
وكيف تدعوا إلى الدنيا ضرورة من **** لولاه لم تخرج الدنيا من العدم
محمد سيد الكونين والثقلين *** والفريقين من عرب ومن عجم
نبينا الآمر الناهي فلا أحد *** أبر في قول لا منه ولا نعم
هو الحبيب الذي ترجى شفاعته *** في كل هول من الأهوال مقتحم
دعا إلى الله فالمستمسكون به *** مستمسكون بحبل غير منفصم
فاق النبيين في خلق وفي خلق *** ولم يدانوه في علم ولا كرم
وكلهم من رسول الله ملتمس *** غرفا من البحر أو رشفا من الديم
وواقفون لديه عند حدهم *** من نقطة العلم أو من شكلة الحكم
فهو الذي تم معناه وصورته *** ثم اصطفاه حبيبا بارئ النسم
منزه عن شريك في محاسنه *** فمظهر الحسن فيه غير منقسم
دع مادعته النصارى في نبيهم *** واحكم بما شئت فيه مدحا واحتكم
وانسب إلى ذاته ماشئت من شرف *** وانسب إلى قدره ماشئت من عظم
فإن فضل رسول الله ليس له *** حد فيعرب عنه ناطق بفم
لو ناسبت قدره آياته عظما *** أحيا إسمه حين يدعى دارس الرمم
لم يمتحنا بما تعيا العقول به *** حرصا علينا فلم نرتب ولم نهم
أعيا الورى فهم معناه فليس يرى *** في القرب والبعد فيه غير مقتحم
كالشمس تظهر للعينين من بعد *** صغيرة وتكل الطرف من أمم
وكيف يدرك في الدنيا حقيقته *** قوم نيام تسلوا عنه بالحلم
فمبلغ العلم فيه أنه بشر *** وأنه خير خلق الله كلهم
وكل آي أتى الرسل الكرام بها *** فإنما اتصلت من نوره بهم
فإنه شمس فضل هم كواكبها *** يظهرن أنوارها للناس والظلم
أكرم بخلق نبي زانه خلق *** بالحسن مشتمل بالبشر متسم
كالزهر في ترف والبدر في شرف *** والبحر في كرم والدهر في همم
كأنه وهو فرد من جلالته *** في عسكر حين تلقاه وفي حشم
كأنما اللؤلؤ المكنون في صدف *** من معدني منطق منه ومبتسم
لا طيب يعدل ثريا ضم أعظمه *** طوبى لمنتشق منه وملتثم 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق