الجمعة، 31 مايو 2013

شجاعة عنترة بن شداد



دع ما مَضى لكَ في الزَّمان الأَوَّل __ وعلى الحقيقة إنْ عزمت فعوِّل

إنْ كنتَ أنتَ قطعتَ برَّا مقفراً __ وسلكْتهُ تحتَ الدُّجى في جَحْفل

فأَنا سريتُ معَ الثُّريَّا مُفرداً __ لا مؤنسٌ لي غيرَ جدّ المنصل

والبدرُ منْ فوق السحاب يسوقه __ فيسير سيرَ الراكب المستعجل

والنَّسْرُ نحْو الغَربِ يرْمي نفسَه __ فيكاد يعْثر بالسِّماكِ الأَعزل

والغُولُ بينَ يديَّ يخفى تارة __ ويعودَ يَظْهَرُ مثْلَ ضَوْءِ المَشْعَلِ

بنواظر زرقٍ ووجهٍ أسودٍ __ وأظافر يشبهنَ حدَّ المنجل

والجن تفرقُ حول غاباتِ الفلاَ __ بهماهمٍ ودمادمٍ لمَ تغْفَلِ

وإذا رأْتْ سيفي تضِجُّ مخافة ً __ كضَجيجِ نُوقِ الحيِّ حَوْلَ المنزل

تلكَ الليالى لو يمرُّ حديثها __ بوليدِ قومٍ شاب قبلَ المحمل

فاكففْ ودعْ عنكَ الإطالة َ واقتصرْ __ وإذا اسْتَطعْتَ اليَوْمَ شيئاً فافْعل

العلم يحيى قلوب الميتين

العلم يحيى قلـــــــــــوب الميتين كما 
                                 تحيا البلاد اذا مسها المطر

والعلم يجلو العمى عن قلب صاحبه
                                كما يجلى سواد الظلمة القمر 


اقدام عمرو فى سماحة حاتم

امتدح أبو تمام أحمدَ بن الخليفة المعتصم فلما بلغ قوله :
إقدام عمرو في سماحة حاتم ******** في حلم أحنف في ذكاء إياس
وحيث " لاتعدم الحسناء ذاماً " فقد قال هواة النقد لمجرد النقد : " إن الأمير فوق ما وصفت ، ولم تزد على أن شبهته بأجلاف العرب " فأطرق أبو تمام قليلاً ثم أرسل قذيفته القاصمة :
لا تنكروا ضربي له مَنْ دونه ******** مثلاً شروداً في الندى والباس
فالله قد ضرب الأقل لنوره ******** مثلاً مـن المشكـاة والنبراس
ولهول الصدمة على النقاد وشدة وقعها فقد أخذ أبو يوسف الكندي الفيلسوف _ وكان من المشاركين في النقد _ الرقعة ولم يجد فيها هذا الرد المفحم فقال متفرساً : " إن هذا الرجل لن يعيش طويلاً " ؛ وصدقت فراسته حين توفي أبو تمام عن ثلاث وأربعين سنة .

المعروف فى غير اهله

 يروى ان قوماً خرجوا للقنص فلحقوا ضبعة صغيرة فلجأت الى خباء اعرابي فاجارها وجعل يطعمها من زاده ويسقهيا، فبينما هو نائم ذات يوم اذ وثبت عليه وبقرت بطنه وهربت فجاء ابن عمه يطلبه فوجده ميتا، فخرج وتبع الضبعة حتى ادركها فقتلها فقال:

ومن يصنع المعروف في غير أهله
يلاق الذي لاقى مجيرُ أم عـــــــامر
اعد لها لما استجـــــارت ببيتــــــه
احاليب البـــــــان اللقاح الدرائـــــر
وأسمنها حتى اذا ما تمكــــــــــنت
فرته بأنيــــــــــــاب لها واظافـــــر
فقل لذوي المعروف هذا جزاء من
يجود بمعروف على غير شاكـــــر

الاعرابيه والذئب

يحكى أن أحد أعرابية وجدت ذئبا ً صغيراً (جرو ذئب) قد ولد للتو ... فحنت عليه وأخذته وربته .. وكانت تطعمه من حليب شاة ٍ عندها .. وكانت الشاة بمثابة الأم لذلك الذئب . وبعد مرور الوقت كبُر الذئب الصغير .. وعادت الأعرابية يوماً إلى بيتها فوجد ان الذئب قد هجم على الشاة وأكلها .. فحزنت الأعرابية على صنيع الذئب اللئيم الذي عرف طبعه بالفطرة .. .. فأنشدت بحزن قائلاً :

بقرتَ شويهتي وفجعتَ قلبي
وأنت لشاتنا ولدٌٌ ربيب ُ
غذيتَ بدرها وربيتَ فينا
فمن أنباكَ أن أباكَ ذيب ُ
إذا كان الطباع طباع سوء ٍ
                                 فلا أدب ٌ يفيد ولا أديب ُ

الخميس، 30 مايو 2013

قواصد كافور توارك غيره 
                           
                             ومن قصد البحر استقل السواقيا

الأربعاء، 29 مايو 2013

وهَبنــي قلـت: هـذا الصبـحُ لَيـلٌ أَيعمــى العــالَمونَ عَـن الضّيـاء (المتنبى)

وهَبنــي قلـت: هـذا الصبـحُ لَيـلٌ
                                     أَيعمــى العــالَمونَ عَـن الضّيـاء؟

اَلــرَأْيُ قَبــلَ شَــجَاعَةِ الشُـجعانِ (المتنبى)

اَلــرَأْيُ قَبــلَ شَــجَاعَةِ الشُـجعانِ**** هُــوَ أَوَّلٌ وَهِــيَ المَحَــلُّ الثـاني

فــإِذا هُمــا اجتَمَعــا لِنَفسٍ حُــرَّةٍ *****بَلَغــتْ مــنَ العَليــاءِكُلَّ مَكــانِ

ولَرُبَّمــا طَعَــنَ الفَتَــى أَقرانَــهُ****** بِــالرَأْيِ قَبْــلَ تَطــاعُنِ الأَقـرانِ

لَــولا العُقـولُ لَكـانَ أَدنَـى ضَيغَـمٍ*** أدْنَــى إلــى شَـرفٍ مـنَ الإنْسـانِ

وكُـلُّ امـرِىءٍ يُـولي الجَـمِيلَ مُحببٌ

وكُـلُّ امـرِىءٍ يُـولي الجَـمِيلَ مُحببٌ
                                          وكُــل مَكــانٍ يُنبِـتُ العِـزَّ طَيـبُ

لا تجسر الشعراء تنشد ههنا (المتنبى)

لا تجسر الشعراءُ تنشد ههنا *** بيتـاً ولكني الهـزبْرُ الباسـلُ
 

ما نال أهلُ الجاهلية كلهـمْ *** شعري ولا سمعتْ بسحريَ بابلُ
 

وإذا أتتك مذمـتي من ناقصٍ *** فهي الشهـادة لي بأني كامـلُ

المتنبى (ولا تحسبن المجد زقا وقينة)

ولا تحسبن المجـد زقـاً وقينـةً *** فما المجد إلا السيف والفتكة البكر
 

وتضريب أعناق الملوك وأن ترى *** لك الهبوات السود والعسكر المجر
 

وتركك في الدنيـا دوياً كأنَّمـا ***تداول سَمـع المرء أنْمُلُـه العشر

الاثنين، 27 مايو 2013

مشى الطاووس يوما باعوجاج


مَشَـى الطـاووسُ يومـاً باعْـوجاجٍ؛ * فـقـلدَ شكـلَ مَشيتـهِ بنـوهُ
فقـالَ: عـلامَ تختـالونَ ؟ فقالـوا: * بـدأْتَ بـه ، ونحـنُ مقلـِـدوهُ
فخـالِفْ سـيركَ المعـوجَّ واعـدلْ * فـإنـا إن عـدلـْتَ معـدلـوه
أمـَا تـدري أبـانـا كـلُّ فـرع ٍ * يجـاري بالخـُطـى مـن أدبـوه؟!
وينشَــأُ ناشـئُ الفتيــانِ منـا * علـى ما كـان عـوَّدَه أبـــوه

الأحد، 26 مايو 2013

بين على وعمرو بن ود فى الاحزاب

مبارزة الإمام علي(عليه السلام) لعمرو بن عبد ودّ

تمكّنت مجموعة من العدو من عبور الخندق، وكان من بينهم عمرو بن عبد ودٍّ، فراح يصول ويجول، ويتوعّد ويتفاخر ببطولته، وينادي: هل من مبارز؟ فلم يجبه أحد، حتّى قال:

ولقد بححت من النداء ** بجمعكم هل من مبارز

ووقفت إذ جبن الشجاع ** بموقف البطل المناجز

إنّي كذلك لم أزل ** متسرّعاً نحو الهزاهز

إنّ الشجاعة والسماحة ** في الفتى خير الغرائز


فقام الإمام علي(عليه السلام) وقال: «أنا له يا رسول الله»!

فقال له رسول الله(صلى الله عليه وآله): «اجلس، إنّه عمرو».

فقال الإمام علي(عليه السلام): «وإن كان عمرواً».

فعند ذلك أذن(صلى الله عليه وآله) له، وأعطاه سيفه ذا الفقار، وألبسه درعه، وعمّمه بعمامته.

ثمّ قال(صلى الله عليه وآله): «إلهي أخذت عبيدة منّي يوم بدر، وحمزة يوم أُحد، وهذا أخي وابن عمّي، فلا تَذَرني فرداً وأنت خير الوارثين».

وقال(صلى الله عليه وآله) أيضاً: «برز الإيمان كلّه إلى الشرك كلّه»

ومضى الإمام علي(عليه السلام) إلى الميدان، وهو يقول:

لا تعجلنّ فقد أتاك ** مجيب صوتك غير عاجز

ذو نية وبصيرة ** والصبر منجي كلّ فائز

إنّي لأرجو أن أقيم ** عليك نائحة الجنائز

من ضربةٍ نجلاء يبقى ** ذكرها عند الهزاهز

وقتله على رضى الله عنه ثم انشد قائلا:
نصر الحجارة من سفاهة رأيه*** ونصرت رب محمد بصواب
 
فصددت حين تركته متجندلا*** كالجذع بين دكادك وروابي
 
وعففت عن أثوابه ولو أنني*** كنت المقطر بز في أثوابي
 
لاتحسبن الله خاذل دينه*** ونبيه يا معشر الأحزاب
 
 

السبت، 18 مايو 2013

بجيرانها تغلوا الديار وترخص

يلوموننى ان بعت بالرخص منزلى 
                                        ولم يعلموا جار هناك ينغص 

فقلت لهم كفوا الملام فانما
                                      بجيرانها تغلوالديار وترخص


الجمعة، 17 مايو 2013

الامام على فى العلم

ليس البلية فى ايامنا عجبا
                               بل السلامة فيها اعجب العجب
ليس الجمال باثواب تجملنا 
                              ان الجمال جمال العقل والادب
ليس اليتيم الذى قد مات ابواه
                                ان اليتيم يتيم العلم والادب  

الخميس، 16 مايو 2013

وبعض الحلم عند الجهل للذلة ازعان (الفند الزمانى)

عَفَونَا عَن بَنِي ذُهْـلٍ..... وَقُلْنَا القَـومُ إخْوَانُ
 
عَسَـى الأَيَّـامُ أن يَّـرْجِعْنَ قَـومًا كَالَّذِي كَانُوا
 
فلـمَّـا صَـرَّحَ الشَّـرُّ..... فَأَمْسَى وهـوَ عُرْيَانُ
 
ولـَمْ يَبْـقَ سِـوَى العُــدْوَانِ دِنَّـاهُـمْ كَمَا دَانُوا
 
مَشَيْنَا مِشْـيَةَ اللَّيـثِ..... غَدَا واللَّيثُ غَضْبَانُ
 
بِضَـرْبٍ فِيهِ تَفْجِيـعٌ..... وَتَـخْضِيعٌ وإقْـرَانُ
 
وَطَعْـنٍ كَفَـمِ الـزِّقِّ ..... غَـذَا والـزِّقُّ مَـلْآنُ
 
وَبَعْضُ الحِلْمِ عِنْدَ الجَـهْــلِ لِلــذِّلَّــةِ إذْعَـانُ
 
وفـي الشَّــرِّ نَجَاةٌ حِيْـــنَ لا يُنْجِيكَ إحْسَانُ

الاثنين، 13 مايو 2013

حكم سيوفك فى رقاب العذل (عنتلرة بن شداد)

حَـكِّم  سُيوفَكَ في رِقابِ العُذَّلِ      وَإِذا  نَـزَلتَ بِـدارِ ذُلٍّ فَاِرحَلِ
وَإِذا  بُـليتَ بِـظالِمٍ كُن ظالِماً      وَإِذا  لَقيتَ ذَوي الجَهالَةِ فَاِجهَلي
وَإِذا الـجَبانُ نَـهاكَ يَومَ كَريهَةٍ      خَوفاً  عَلَيكَ مِنَ اِزدِحامِ الجَحفَلِ
فَـاِعصِ  مَـقالَتَهُ وَلا تَحفِل بِها      وَاِقـدِم إِذا حَـقَّ اللِقا في الأَوَّلِ
وَاِخـتَر  لِـنَفسِكَ مَنزِلاً تَعلو بِهِ      أَو  مُت كَريماً تَحتَ ظُلِّ القَسطَلِ
فَـالمَوتُ  لا  يُـنجيكَ مِن آفاتِهِ      حِـصنٌ وَلَـو شَـيَّدتَهُ بِالجَندَلِ
مَـوتُ الـفَتى فـي عِزَّةٍ خَيرٌ لَهُ      مِـن أَن يَبيتَ أَسيرَ طَرفٍ أَكحَلِ
إِن  كُـنتَ في عَدَدِ العَبيدِ فَهِمَّتي      فَـوقَ الـثُرَيّا وَالسِماكِ الأَعزَلِ
أَو أَنـكَرَت فُرسانُ عَبسٍ نِسبَتي      فَـسِنانُ رُمـحي وَالحُسامُ يُقِرُّ لي
وَبِـذابِلي  وَمُـهَنَّدي نِلتُ العُلا      لا  بِـالقَرابَةِ  وَالـعَديدِ الأَجزَلِ
وَرَمَيتُ مُهري في العَجاجِ فَخاضَهُ      وَالـنارُ  تَقدَحُ مِن شِفارِ الأَنصُلِ
خـاضَ العَجاجَ مُحَجَّلاً حَتّى إِذا      شَـهِدَ الـوَقيعَةَ عادَ غَيرَ مُحَجَّلِ
وَلَـقَد  نَـكَبتُ بَني حُريقَةَ نَكبَةً      لَـمّا طَعَنتُ صَميمَ قَلبِ الأَخيَلِ
وَقَـتَلتُ  فـارِسَهُم رَبيعَةَ عَنوَةً      وَالـهَيذُبانَ  وَجـابِرَ بنَ مُهَلهَلِ
وَاِبـنَي  رَبيعَةَ  وَالحَريشَ وَمالِكاً      وَالـزِبرِقانُ غَـدا طَريحَ الجَندَلِ
وَأَنـا اِبـنُ سَوداءِ الجَبينِ كَأَنَّها      ضَـبُعٌ تَـرَعرَعَ في رُسومِ المَنزِلِ
الـساقُ  مِـنها مِثلُ ساقِ نَعامَةٍ      وَالـشَعرُ  مِنها مِثلُ حَبِّ الفُلفُلِ
وَالـثَغرُ  مِـن تَحتِ اللِثامِ كَأَنَّهُ      بَـرقٌ  تَـلَألَأَ في الظَلامِ المُسدَلِ
يـا  نـازِلينَ عَلى الحِمى وَدِيارِهِ      هَـلّا رَأَيـتُم فـي الدِيارِ تَقَلقُلي
قَـد  طالَ عِزَّكُم وَذُلّي في الهَوى      وَمِـنَ الـعَجائِبِ عِزَّكُم وَتَذَلَّلي
لا  تَـسقِني مـاءَ الـحَياةِ بِذِلَّةٍ      بَـل  فَاِسقِني بِالعِزِّ كَأسَ الحَنظَلِ
مـاءُ الـحَياةِ بِـذِلَّةٍ كَـجَهَنَّمٍ      وَجَـهَنَّمٌ  بِـالعِزِّ أَطـيَبُ مَنزِلِ

اذا كشف الزمان لك القناع (عنترة بن شداد)

إِذا كَـشَفَ الزَمانُ لَكَ القِناعا      وَمَـدَّ  إِلَيكَ صَرفُ الدَهرِ باعا
فَـلا تَـخشَ الـمَنيَّةَ وَاِلقَيَنها      وَدافِـع  ما اِستَطَعتَ لَها دِفاعا
وَلا  تَـختَر  فِـراشاً مِن حَريرٍ      وَلا تَـبكِ الـمَنازِلَ وَالـبِقاعا
وَحَـولَكَ  نِـسوَةٌ يَندُبنَ حُزناً      وَيَـهتِكنَ الـبَراقِعَ وَالـلِفاعا
يَقولُ  لَكَ الطَبيبُ دَواكَ عِندي      إِذا مـا جَـسَّ كَفَّكَ وَالذِراعا
وَلَـو  عَرَفَ الطَبيبُ دَواءَ داءٍ      يَـرُدُّ الـمَوتَ ما قاسى النِزاعا
وَفـي  يَـومِ المَصانِعِ قَد تَرَكنا      لَـنا بِـفِعالِنا خَـبَراً مُـشاعا
أَقَـمنا بِـالذَوابِلِ سوقَ حَربٍ      وَصَـيَّرنا الـنُفوسَ لَـهَ مَتاعا
حِـصاني كـانَ دَلّالَ الـمَنايا      فَـخاضَ  غُبارَها وَشَرى وَباعَ
وَسَـيفي  كانَ  في الهَيجا طَبيباً      يُداوي رَأسَ مَن يَشكو الصُداعا
أَنـا  الـعَبدُ الَّذي خُبِّرتَ عَنهُ      وَقَـد  عـايَنتَني فَدَعِ السَماعا
وَلَـو  أَرسَلتُ  رُمحي مَع جَبانٍ      لَـكانَ  بِـهَيبَتي يَلقى السِباعا
مَلَأتُ الأَرضَ خَوفاً مِن حُسامي      وَخَـصمي لَم يَجِد فيها اِتِّساعا
إِذا  الأَبطالُ  فَرَّت خَوفَ بَأسي      تَـرى الأَقـطارَ باعاً أَو ذِراعا

لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب (عنترة بن شداد)

لا  يَحمِلُ  الحِقدَ مَن تَعلو بِهِ الرُتَبُ      وَلا  يَـنالُ العُلا مَن طَبعُهُ الغَضَبُ
وَمَـن يِـكُن عَبدَ قَومٍ لا يُخالِفُهُم      إِذا جَـفوهُ وَيَـستَرضي إِذا عَتَبوا
لِـلَّهِ  دَرُّ بَـني عَـبسٍ لَقَد نَسَلوا      مِـنَ  الأَكارِمِ  ما قَد تَنسُلُ العَرَبُ
لَـئِن  يَعيبوا سَوادي فَهوَ لي نَسَبٌ      يَـومَ الـنِزالِ إِذا ما فاتَني النَسَبُ
إِن  كُـنتَ تَعلَمُ يا نُعمانُ أَنَّ يَدي      قَـصيرَةٌ  عَـنكَ  فَـالأَيّامُ تَنقَلِبُ
الـيَومَ  تَـعلَمُ يـا نُعمانُ أَيَّ فَتىً      يَلقى  أَخاكَ  الَّذي قَد غَرَّهُ العُصَبُ
إِنَّ  الأَفـاعي  وَإِن لانَت مَلامِسُها      عِـندَ  الـتَقَلُّبِ في أَنيابِها العَطَبُ
فَـتىً يَخوضُ غِمارَ الحَربِ مُبتَسِماً      وَيَـنثَني وَسِـنانُ الرُمحِ مُختَضِبُ
إِن  سَـلَّ صـارِمَهُ سالَت مَضارِبُهُ      وَأَشـرَقَ الجَوُّ وَاِنشَقَّت لَهُ الحُجُبُ
وَالـخَيلُ تَـشهَدُ لي أَنّي أُكَفكِفُها      وَالـطَعنُ مِـثلُ شَرارِ النارِ يَلتَهِبُ
إِذا  اِلـتَقَيتَ  الأَعادي يَومَ مَعرَكَةٍ      تَـرَكتُ  جَـمعَهُمُ المَغرورَ يُنتَهَبُ
لِـيَ  النُفوسُ  وَلِلطَيرِ اللُحومُ وَلِل      وَحـشِ  العِظامُ  وَلِلخَيّالَةِ السَلَبُ
لا  أَبـعَدَ  الـلَهُ عَن عَيني غَطارِفَةً      إِنـساً  إِذا  نَـزَلوا جِنّاً إِذا رَكِبوا
أُسـودُ  غابٍ وَلَكِن لا نُيوبَ لَهُم      إِلّا  الأَسِـنَّةُ وَالـهِندِيَّةُ الـقُضُبُ
تَـحدو  بِـهِم  أَعوَجِيّاتٌ مُضَمَّرَةٌ      مِـثلُ  السَراحينِ في أَعناقِها القَبَبُ
ما  زِلتُ أَلقى صُدورَ الخَيلِ مُندَفِقاً      بِالطَعنِ  حَتّى يَضِجَّ السَرجُ وَاللَبَبُ
فَالعُميُ  لَو  كانَ في أَجفانِهِم نَظَروا      وَالخُرسُ لَو كانَ في أَفواهِهِم خَطَبوا
وَالـنَقعُ يَومَ طِرادَ الخَيلِ يَشهَدُ لي      وَالضَربُ وَالطَعنُ وَالأَقلامُ وَالكُتُبُ


اهاجك من اسماء رسم المنازل للنابغه الذبيانى

اهاجك, من أسماء, رسم المنازل,
بروضة نعمي, فذات الأجاول
أربت بها الأرواح, حتى كأنما
تهادين, أعلى تربها, بالمناخل
وكل ملث, مكفهر سحابه,
كميش التوالي, مرثعن الأسافل
إذا رجفت فيه رحى مرجحنة,
تبعق ثجاج, غزير الحوافل
عهدت بها حياً كراماً, فبدلت
خناطيل آجال النعام الجوافل
ترى كل ذيالٍ يعارض ربرباً,
على كل رجافٍ, من الرمل, هائل
يثرن الحصى, حتى يباشرن برده
إذا الشمس مجت ريقها بالكلاكل
وناجيةٍ عديت في متن لاحبٍ,
كسحل اليماني, قاصدٍ للمناهل
له خلج تهوي فرادى, وترعوي
إلى كل ذي نيرين, بادي الشواكل
وإني عداني, عن لقائك, حادث,
وهم, أتى من دون همك, شاغل
نصحت بني عوفٍ, فلم يتقبلوا
وصاتي؛ ولم تنجح لديهم وسائلي
فقلت لهم: لا أعرفن عقائلاً
رعابيب من جنبي أريكٍ وعاقل
ضوارب بالأيدي, وراء براغزٍ,
حسانٍ, كآرام الصريم الخواذل
خلال المطايا يتصلن, وقد أتت
قنان أبيرٍ, دونها, والكواثل
وخلوا له, بين الجناب وعالجٍ,
فراق الخليط ذي الأذاة, المزايل
ولا أعرفني بعدما قد نهيتكم
أجادل يوماً في شوي وجامل
وبيضٍ غريراتٍ, تفيض دموعها,
بمستكرهٍ, يذرينه بالأنامل
وقد خفت, حتى ما تزيد مخافتي
على وعلٍ, في ذي المطارة, عاقل
مخافة عمروٍ أن تكون جياده
يقدن إلينا, بين حافٍ وناعل
إذا استعجلوها عن سجية مشيها,
تتلع, في أعناقها, بالجحافل
شوازب, كالأجلام, قد آل رمها,
سماحيق صفراً في تليلٍ وفائل
ويقذفن بالأولاد في كل منزلٍ,
تشحط في أسلائها, كالوصائل
ترى عافيات الطير قد وثقت لها
بشبعٍ من السخل العتاق الأكائل
برى وقع الصوان حد نسورها,
فهن لطاف, كالصعاد الذوابل
مقرنة بالعيس والأدم كالقنا,
عليها الخبور محقبات المراجل
وكل صموتٍ, نثلةٍ, تبعيةٍ,
ونسج سليمٍ كل قضاء ذائل
علين بكديون, وأبطن كرةً,
فهن وضاء, صافيات القلائل
عتاد امريء لا ينقض البعد همه,
طلوب الأعادي, واضح, غير خامل
تحين بكفيه المنايا, وتارة
تسحان سحاً, من عطاء ونائل
إذا حل بالأرض البرية أصبحت
كئيبة وجهٍ, غبها غير طائل
يوم بربعي, كأن زهاءه
إذا هبط الصحراء, حره راجل

مما قيل فى الامام مالك

يدع السؤال فلا يراجع هيبة *** والسائلون نواكس الأذقان
 

نور الوقار وعز سلطان التقى *** فهو المهيب وليس ذا سلطان




رثاء ابو ذؤيب الهذلي بعدما مات له سبعة ابناء بالطاعون

أَمِـنَ  الـمَنونِ وَريـبِها تَتَوَجَّعُ      وَالـدَهرُ لَيسَ بِمُعتِبٍ مِن يَجزَعُ
قـالَت أُمَيمَةُ ما لِجِسمِكَ شاحِباً      مُـنذُ اِبـتَذَلتَ وَمِثلُ مالِكَ يَنفَعُ
أَم  مـا  لِجَنبِكَ لا يُلائِمُ مَضجَعاً      إِلّا  أَقَـضَّ عَـلَيكَ ذاكَ المَضجَعُ
فَـأَجَبتُها  أَن مـا لِـجِسمِيَ أَنَّهُ      أَودى  بَـنِيَّ مِـنَ البِلادِ فَوَدَّعوا
أَودى  بَـنِيَّ وَأَعـقَبوني غُـصَّةً      بَـعدَ  الـرُقادِ  وَعَـبرَةً لا تُقلِعُ
سَـبَقوا  هَـوَىَّ وَأَعنَقوا لِهَواهُمُ      فَـتُخُرِّموا وَلِـكُلِّ جَنبٍ مَصرَعُ
فَـغَبَرتُ  بَـعدَهُمُ بِعَيشٍ ناصِبٍ      وَإَخـالُ  أَنّـي لاحِـقٌ مُستَتبَعُ
وَلَـقَد  حَرِصتُ بِأَن أُدافِعَ عَنهُمُ      فَـإِذا  الـمَنِيِّةُ أَقـبَلَت لا تُدفَعُ
وَإِذا الـمَنِيَّةُ أَنـشَبَت أَظـفارَها      أَلـفَيتَ  كُـلَّ  تَـميمَةٍ لا تَنفَعُ
فَـالعَينُ بَـعدَهُمُ كَـأَنَّ حِداقَها      سُـمِلَت  بشَوكٍ فَهِيَ عورٌ تَدمَعُ
حَـتّى كَـأَنّي لِـلحَوادِثِ مَروَةٌ      بِـصَفا الـمُشَرَّقِ كُلَّ يَومٍ تُقرَعُ
لا بُـدَّ مِـن تَـلَفٍ مُقيمٍ فَاِنتَظِر      أَبِأَرضِ  قَومِكَ أَم بِأُخرى المَصرَعُ
وَلَـقَد  أَرى  أَنَّ الـبُكاءَ سَفاهَةٌ      وَلَـسَوفَ  يولَعُ بِالبُكا مِن يَفجَعُ
وَلـيَأتِيَنَّ  عَـلَيكَ  يَـومٌ مَـرَّةً      يُـبكى  عَـلَيكَ  مُقَنَّعاً لا تَسمَعُ
وَتَـجَلُّدي  لِـلشامِتينَ  أُريـهِمُ      أَنّـي لَـرَيبِ الدَهرِ لا أَتَضَعضَعُ
وَالـنَفسُ  راغِـبِةٌ إِذا رَغَّـبتَها      فَـإِذا  تُـرَدُّ إِلـى قَـليلٍ تَقنَعُ
كَم مِن جَميعِ الشَملِ مُلتَئِمُ الهَوى      بـاتوا بِـعَيشٍ نـاعِمٍ فَتَصَدَّعوا
فَـلَئِن  بِـهِم فَجَعَ الزَمانُ وَرَيبُهُ      إِنّـي  بِـأَهلِ مَـوَدَّتي لَـمُفَجَّعُ
وَالـدَهرُ  لا يَـبقى عَلى حَدَثانِهِ      فـي  رَأسِ شـاهِقَةٍ أَعَـزُّ مُمَنَّعُ
وَالـدَهرُ  لا يَـبقى عَلى حَدَثانِهِ      جَـونُ  الـسَراةِ لَهُ جَدائِدُ أَربَعُ
صَـخِبُ الشَوارِبِ لا يَزالُ كَأَنَّهُ      عَـبدٌ لِآلِ أَبـي رَبـيعَةَ مُـسبَعُ
أَكَـلَ  الجَميمَ  وَطاوَعَتهُ سَمحَجٌ      مِـثلُ الـقَناةِ وَأَزعَـلَتهُ الأَمرُعُُ
بِـقَرارِ قـيعانٍ سَـقاها وابِـلٌ      واهٍ فَـأَثـجَمَ بُـرهَةً لا يُـقلِعُ
فَـلَبِثنَ حـيناً يَـعتَلِجنَ بِرَوضَةٍ      فَـيَجِدُّ  حيناً  في العِلاجِ وَيَشمَعُ
حَـتّى  إِذا جَـزَرَت مِياهُ رُزونِهِ      وَبِـأَيِّ  حـينِ مِـلاوَةٍ تَـتَقَطَّعُ
ذَكَـرَ الـوُرودَ بِها وَشاقى أَمرَهُ      شُـؤمٌ  وَأَقـبَلَ  حَـينُهُ يَـتَتَبَّعُ
فَـاِفتَنَّهُنَّ  مِـن الـسَواءِ وَماؤُهُ      بِـثرٌ  وَعـانَدَهُ طَـريقٌ مَـهيَعُ
فَـكَأَنَّها بِـالجِزعِ بَـينَ يُـنابِعٍ      وَأولاتِ ذي العَرجاءِ نَهبٌ مُجمَعُ
وَكَـأَنَّـهُنَّ  رَبـابَـةٌ  وَكَـأَنَّهُ      يَسَرٌ  يُفيضُ عَلى القِداحِ وَيَصدَعُ
وَكَـأَنَّما  هُـوَ مِـدوَسٌ مُتَقَلِّبٌ      فـي الـكَفِّ إِلّا أَنَّـهُ هُوَ أَضلَعُ
فَوَرَدنَ وَالعَيّوقُ مَقعَدَ رابِىءِ الض      ضُـرَباءِ فَـوقَ الـنَظمِ لا يَتَتَلَّعُ
فَـشَرَعنَ في حَجَراتِ عَذبٍ بارِدٍ      حَصِبِ البِطاحِ تَغيبُ فيهِ الأَكرُعُ
فَـشَرِبنَ  ثُـمَّ سَمِعنَ حِسّاً دونَهُ      شَرَفُ الحِجابِ وَرَيبَ قَرعٍ يُقرَعُ
وَنَـميمَةً  مِـن  قـانِصٍ مُتَلَبِّبٍ      فـي  كَـفِّهِ جَشءٌ أَجَشُّ وَأَقطُعُ
فَـنَكِرنَهُ فَـنَفَرنَ وَاِمـتَرَسَت بِهِ      سَـطعاءُ هـادِيَةٌ وَهـادٍ جُرشُعُ
فَـرَمى  فَـأَنفَذَ مِن نَجودٍ عائِطٍ      سَـهماً فَـخَرَّ وَريـشُهُ مُتَصَمِّعُ
فَـبَدا لَـهُ أَقـرابُ هـذا رائِغاً      عَـجِلاً فَـعَيَّثَ في الكِنانَةِ يُرجِعُ
فَـرَمى  فَـأَلحَقَ صاعِدِيّاً مِطحَراً      بِالكَشحِ  فَاِشتَمَّلَت عَلَيهِ الأَضلُعُ
فَـأَبَـدَّهُنَّ حُـتوفَهُنَّ فَـهارِبٌ      بِـذَمـائِهِ أَو بـارِكٌ مُـتَجَعجِعُ
يَـعثُرنَ  فـي حَدِّ الظُباتِ كَأَنَّما      كُـسِيَت  بُرودَ بَني يَزيدَ الأَذرُعُ
وَالـدَهرُ  لا يَـبقى عَلى حَدَثانِهِ      شَـبَبٌ أَفَـزَّتهُ الـكِلابُ مُرَوَّعُ
شَعَفَ  الكِلابُ  الضارِياتُ فُؤادَهُ      فَـإِذا يَرى الصُبحَ المُصَدَّقَ يَفزَعُ
وَيَـعوذُ بِـالأَرطى إِذا مـا شَفَّهُ      قَـطرٌ وَراحَـتهُ بَـلِيلٌ زَعـزَعُ
يَـرمي بِـعَينَيهِ الـغُيوبَ وَطَرفُهُ      مُـغضٍ يُـصَدِّقُ طَرفُهُ ما يَسمَعُ
فَـغَدا يُـشَرِّقُ مَـتنَهُ فَـبَدا لَهُ      أَولـى  سَـوابِقَها قَـريباً توزَعُ
فَـاِهتاجَ مِـن فَزَعٍ وَسَدَّ فُروجَهُ      غُـبرٌ  ضَـوارٍ وافِـيانِ وَأَجدَعُ
يَـنـهَشنَهُ وَيَـذُبُّهُنَّ وَيَـحتَمي      عَـبلُ  الـشَوى  بِالطُرَّتَينِ مُوَلَّعُ
فَـنَحا  لَـها بِـمُذَلَّقَينِ كَـأَنَّما      بِـهِما  مِنَ النَضحِ المُجَدَّحِ أَيدَعُ
فَـكَأَنَّ سَـفّودَينِ لَـمّا يُـقتَرا      عَـجِلا  لَـهُ بِشَواءِ شَربٍ يُنزَعُ
فَـصَرَعنَهُ  تَـحتَ الغُبارِ وَجَنبُهُ      مُـتَتَرِّبٌ  وَلِـكُلِّ  جَنبٍ مَصرَعُ
حَـتّى  إِذا اِرتَدَّت وَأَقصَدَ عُصبَةً      مِـنها وَقـامَ شَـريدُها يَتَضَرَّعُ
فَـبَدا  لَـهُ رَبُّ الـكِلابِ بِكَفِّهِ      بـيضٌ رِهـافٌ ريـشُهُنَّ مُقَزَّعُ
فَـرَمى  لِـيُنقِذَ فَـرَّها فَهَوى لَهُ      سَـهمٌ فَـأَنفَذَ طُـرَّتَيهِ الـمِنزَعُ
فَـكَبا  كَـما يَـكبو فِنيقٌ تارِزٌ      بِـالخُبتِ  إِلّا أَنَّـهُ هُـوَ أَبـرَعُ
وَالـدَهرُ  لا يَـبقى عَلى حَدَثانِهِ      مُـستَشعِرٌ  حَـلَقَ  الحَديدِ مُقَنَّعُ
حَـمِيَت عَلَيهِ الدِرعُ حَتّى وَجهُهُ      مِـن  حَـرِّها يَومَ الكَريهَةِ أَسفَعُ
تَـعدو  بِهِ  خَوصاءُ يَفصِمُ جَريُها      حَـلَقَ  الرِحالَةِ  فَهِيَ رِخوٌ تَمزَعُ
قَصَرَ  الصَبوحَ لَها فَشَرَّجَ لَحمَها      بِـالنَيِّ فَـهِيَ تَثوخُ فيها الإِصبَعُ
مُـتَفَلِّقٌ أَنـساؤُها عَـن قـانِيٍ      كَـالقُرطِ  صـاوٍ غُبرُهُ لا يُرضَعُ
تَـأبى بِـدُرَّتِها إِذا ما اِستُكرِهَت      إِلّا الـحَـميمَ فَـإِنَّـهُ يَـتَبَضَّعُ
بَـينَنا  تَـعَنُّقِهِ  الـكُماةَ وَرَوغِهِ      يَـوماً  أُتـيحَ لَـهُ جَرىءٌ سَلفَعُ
يَـعدو بِـهِ نَـهِشُ المُشاشِ كَأَنّهُ      صَـدَعٌ سَـليمٌ رَجـعُهُ لا يَظلَعُ
فَـتَنادَيا  وَتَـواقَفَت خَـيلاهُما      وَكِـلاهُما  بَـطَلُ اللِقاءِ مُخَدَّعُ
مُـتَحامِيَينِ الـمَجدَ كُـلٌّ واثِقٌ      بِـبَلائِهِ  وَالـيَومُ يَـومٌ أَشـنَعُ
وَعَـلَيهِما  مَـسرودَتانِ قَضاهُما      داودٌ أَو صَـنَعُ الـسَوابِغِ تُـبَّعُ
وَكِـلاهُـما فـي كَـفِّهِ يَـزَنِيَّةٌ      فـيها  سِـنانٌ  كَـالمَنارَةِ أَصلَعُ
وَكِـلاهُما  مُـتَوَشِّحٌ ذا رَونَـقٍ      عَـضباً إِذا مَـسَّ الضَريبَةَ يَقطَعُ
فَـتَخالَسا  نَـفسَيهِما  بِـنَوافِذٍ      كَـنَوافِذِ الـعُبُطِ الَّـتي لا تُرقَعُ
وَكِـلاهُما  قَد عاشَ عيشَةَ ماجِدٍ      وَجَـنى الـعَلاءَ لَو أَنَّ شَيئاً يَنفَعُ

الجمعة، 10 مايو 2013

فمبلغ العلم فيه انه بشر وانه خير خلق الله كلهم للبوصيرى

 ظلمت سنة من أحيا الظلام إلى *** أن اشتكت قدماه الضر من ورم
وشد من سغب أحشاءه وطوى *** تحت الحجارة كشحا مترف الأدم
وراودته الجبال الشم من ذهب *** عن نفسه فأراها أيما شمم
وأكدت زهده فيها ضرورته *** إن الضرورة لا تعدوا عن العصم
وكيف تدعوا إلى الدنيا ضرورة من **** لولاه لم تخرج الدنيا من العدم
محمد سيد الكونين والثقلين *** والفريقين من عرب ومن عجم
نبينا الآمر الناهي فلا أحد *** أبر في قول لا منه ولا نعم
هو الحبيب الذي ترجى شفاعته *** في كل هول من الأهوال مقتحم
دعا إلى الله فالمستمسكون به *** مستمسكون بحبل غير منفصم
فاق النبيين في خلق وفي خلق *** ولم يدانوه في علم ولا كرم
وكلهم من رسول الله ملتمس *** غرفا من البحر أو رشفا من الديم
وواقفون لديه عند حدهم *** من نقطة العلم أو من شكلة الحكم
فهو الذي تم معناه وصورته *** ثم اصطفاه حبيبا بارئ النسم
منزه عن شريك في محاسنه *** فمظهر الحسن فيه غير منقسم
دع مادعته النصارى في نبيهم *** واحكم بما شئت فيه مدحا واحتكم
وانسب إلى ذاته ماشئت من شرف *** وانسب إلى قدره ماشئت من عظم
فإن فضل رسول الله ليس له *** حد فيعرب عنه ناطق بفم
لو ناسبت قدره آياته عظما *** أحيا إسمه حين يدعى دارس الرمم
لم يمتحنا بما تعيا العقول به *** حرصا علينا فلم نرتب ولم نهم
أعيا الورى فهم معناه فليس يرى *** في القرب والبعد فيه غير مقتحم
كالشمس تظهر للعينين من بعد *** صغيرة وتكل الطرف من أمم
وكيف يدرك في الدنيا حقيقته *** قوم نيام تسلوا عنه بالحلم
فمبلغ العلم فيه أنه بشر *** وأنه خير خلق الله كلهم
وكل آي أتى الرسل الكرام بها *** فإنما اتصلت من نوره بهم
فإنه شمس فضل هم كواكبها *** يظهرن أنوارها للناس والظلم
أكرم بخلق نبي زانه خلق *** بالحسن مشتمل بالبشر متسم
كالزهر في ترف والبدر في شرف *** والبحر في كرم والدهر في همم
كأنه وهو فرد من جلالته *** في عسكر حين تلقاه وفي حشم
كأنما اللؤلؤ المكنون في صدف *** من معدني منطق منه ومبتسم
لا طيب يعدل ثريا ضم أعظمه *** طوبى لمنتشق منه وملتثم 


تاريخنا انت لعائض القرنى

من أجل عينيك يروى الشعر والزجل
                                        ناديت فيك الرجال الصيــد يا رجل
عساك ترضى وكل الناس قاطــبة
                                        فدتك هامات من شيكت لها الحــلل
عيب لغيرك أبياتي أرصـــعهـا
                                        وخيبة إن سرت في غيـــرك السبل
وبسمة منك تكفيــــني وواطربي
                                        فما أبالي أجــــاد الناس أم بخلوا
نشيدة أنا في كف الهدى نسجــت
                                        من لحـــن داود في الأحشاء تشتعل
دم ودمع وأحلام مسهــــــدة
                                        وأنهر من هيام في الهوى عســــل
ذقت الصبابة في كأس الجوى أجلا
                                        للعاشقين فصاحت مقلتي أجـــــل
طرحت في عتبات الغار ملحــمتي
                                        والغار يعرف من حلـــوه وارتحلوا
غار الهدى وعيون الدهــر رانية
                                        تغـــازل الفجر طاب الحب والغزل
غار وفي مقلتيه كل أمنيــــــة
                                        أملودة تتهـــــــادى عنده الأمل
فالليل فجر وآيات الهدى حــــلل
                                        والمشرفيـــــة عند الغار ترتجل
واللوح يروي أحاديثنا مــــرتلة
                                        والبيد يسجــــع في أسماعها الخجل
نعم أنا الغار في أرجائه ولـــدت
                                        عقيدتــــي وشبابي فيه مكتمـــل
فيه اليتيم أبو الأيتام مرتجــــف
                                        والوحي يهتف والأمـــــلاك تبتهل
اقرأ ولو كنت أميا فمحبـــــرة
                                        في راحتــــــك مداد النور ينهمل
اقرأ ودفترك الدنيا وما حملــــت
                                        واكتب علي هامــة الصحرا أنا الأمل
اقرأ وأصحابك للأقلام خط بهــــا
                                        وثيقة النصر يروي متــــنها الأزل
هجرت في الغار كأس النوم فاغتسلت
                                        بك الدياجي وقام الليل يرتحـــــل
وصنت صوت الهدى يسري فراعده
                                        يزلزل البغي والأصـــــنام تقتتل
 والمشرفيات في غار المنى صقلت
                                        بكف خالد لم يفلل لها نفـــــــل
اسقيتها من سلاف النور وانتصبت
                                        باسم الهـــدى وعليها الموت منسدل
جددتها في هوى بدر يلاعبهـــا
                                        عشاقـــــها من كرام فيك قد قتلوا
تراقصت أنفس الكفار من جـــزع
                                        يوم الكريهــــــة والطغيان مبتذل
 أعداؤك القدم شادوا الأرض من ذهب
                                        وفي صـــحاف من الإبريز قد أكلوا
ومت درعك مرهـــون علي شظف
                                        من الشعير وأبقي رهنك الأجـــــل
لأن فيك حديث اليتم أعذبـــــــه
                                        حتى دعيت ابا الأيتام يا بطــــــل
تأريخنا أنت لا نرضى به بــــــدلا
                                        لو أن تـــــأريخ أمجاد الورى بدل
ومنك صحوتنا الكبرى متوجــة
                                        في نفحــــة من عليل المسك تحتفل
كأن زاكيها أنفاســـــك ائتلفت
                                        فالطيب من طيبك المأهول يتصــــل
تغدو إلي طيبة الآمـــال سـافرة
                                        يغني عن الكحل في أجفانـــها الكحل
إلي رياضك قي قبر ثويت بـــه
                                        فيــــه الهداية والتاريخ والـــدول